أعلن مسؤولون في جامعة ستانفورد -في وقت سابق هذا الشهر- إطلاق دراسة مدتها قرن من الزمن تهدف إلى التعرف على آثار الذكاء الاصطناعي على المجتمع، بما في ذلك آثاره على الاقتصاد ومعدلات الجرائم والحروب. ويعتبر هذا المشروع غاية في الأهمية ليس بسبب مدته الطويلة، بل لكونه يهتم بالتعرف على تأثيرات هذه التقنية وإسهامها في إعادة تشكيل الأدوار التي يلعبها الإنسان في الحياة.
وتختلف نظرة العلماء إلى الآثار المتوقعة للذكاء الاصطناعي على مستقبل البشرية حاليا عما كانت عليه قبل عدة سنوات، ففي عام 2009 نظم رئيس هيئة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي إيريك هورفيتز اجتماعا لعلماء الحاسوب في كاليفورنيا، ناقشوا فيه التأثيرات المتوقعة لتلك التقنيات، وخرجوا بتأكيدات مشتركة للآثار الإيجابية التي تجلبها التقنية للبشرية.
أما الآن، وبعد النجاحات الكبيرة التي حققتها أبحاث الذكاء الاصطناعي التي أدت إلى تطور كبير في تقنيات الروبوتات والرؤية الحاسوبية والتعرف على الكلام، يخشى العديد من العلماء أن تسهم هذه التقنيات في استبدال البشر في كثير من الأعمال.
ففي تخيله لآثار تقنيات الذكاء الاصطناعي المحتملة خلال القرن الحالي، توقع سيباستيان ثرون -عالم الروبوتات وأحد المسؤولين عن تطوير السيارة ذاتية القيادة لشركة غوغل- أن تسهم تلك التقنيات في التقليل من تواجد الإنسان في العديد من المراكز الفاعلة في هذه الحياة.
مائة عام
وجاءت فكرة الدراسة طويلة الأمد بعد اجتماع أجراه هورفيتز -الذي يعتبر من أبرز علماء مايكروسوفت- مع عالم الحاسوب ورئيس جامعة ستانفورد جون هينسي، حيث وافق الأول على تمويل المبادرة المسماة "مائة عام لدراسة الذكاء الاصطناعي"، دون أن يوضح مقدار التمويل الذي تم تقديمه لصالح هذه الدراسة.
ويرى هورفيتز أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تملك تأثيرات سلبية على المجتمع وأخرى إيجابية، مشيرا إلى أن كثيرين يخشون من فقدان التحكم في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأنه لذلك يجب على العلماء مراقبة وتقييم هذه التقنيات بشكل مستمر.
وسيرأس هورفيتز اللجنة التي ستتولى الدراسة، وإلى جواره بعض العلماء أمثال أستاذ الهندسة الحيوية وعلم الحاسوب في جامعة ستانفورد روس آلتمان، وعالمة الحاسوب في جامعة هارفارد باربارا جي غروس، وأستاذ علم الحاسوب في جامعة ستانفورد يواف شوهام، ورئيس قسم تعليم الآلة في جامعة كارنيج ميلون توم ميتشيل، وأستاذ علم الحاسوب في جامعة بريتش كولومبيا آلان ماكوورث.
وتقع على عاتق اللجنة مسؤولية اختيار هيئة من الباحثين، ومهمتها تقديم تقرير عن الذكاء الاصطناعي وتأثيراته، على أن يتم نشر التقرير نهاية عام 2015، تليه تقارير أخرى سنوية ستهتم بدراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعي في مجالات تتضمن القانون والأخلاق والاقتصاد والحروب والجرائم، وفقا لهورفيتز.
ويرى هورفيتز أن المبالغة في تضخيم قدرات الذكاء الاصطناعي ليست حديثة العهد، ففي عام 1958 كشف العالم فرانك روزنبلات عن تصميمه شبكات "عصبونية"، مما دفع البحرية الأميركية في ذلك الوقت إلى الإعلان عن خطتها لبناء آلة قادرة على التفكير استناداً إلى تلك الشبكات، وهو أمر لم يتم إنجازه.
أما اليوم، ومع التسارع التقني الكبير، تتنوع تطبيقات هذه التقنيات وتزداد قدراتها، وفق هورفيتز الذي أشار إلى البرمجية الخبيثة "ستوكسنت" كأحد الأمثلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهي برمجية تم تطويرها من قبل وكالات استخباراتية، بهدف مهاجمة المنشآت الإيرانية النووية.
مشروع مائة عام لدراسة الذكاء الاصطناعي
4/
5
Oleh
Unknown
شاركنا بتعليقك المميز فهو يشجعنا ويساعد على الاستمرار